عندما يتم قتل الحياء، يحل الفجور مكانه، النسويات (رجالاً ونساءً) نظموا تظاهرة في شوارع بيروت، خلطوا فيها السياسي بالأخلاقي بالاجتماعي بالاقتصادي… إلخ، تظاهرة ألبسوا فيها الحق بالباطل، وروجوا فيها لمفاهيم لا يمكن لأي عاقل أن يقبل بها، فضلاً عن أي إنسان فيه ذرة من إيمان وحياء.
كلنا نناهض العنف ضد النساء، كلنا نحارب المغتصبين للنساء وللأطفال، ونطالب بإنزال أقصى العقوبات فيهم، كلنا ندين جرائم القتل تحت عنوان الشرف؛ لأنها ليست من الشرع ولا الشرع يقبل بها.
لكن أن يتم استغلال هذه القضايا المحقة للترويج لمفاهيم تمزق الحياء، وتحارب الفضيلة، وتحرض على الأسرة، وتزرع الحقد ضد الآباء والأبوة، فهذا هو عين الفجور، وهذا هو عين الضلال والإفساد في الأرض.
وأن يتم استخدام بعض المحجبات المضللات للترويج لهذه المفاهيم، فهذا مكر وكيد نسوي مفضوح.
“الشرف في الرأس”.. تزييف وخداع للوعي
شعار النسوية المعهود (الشرف بالرأس)، والذي تم تغيير صيغته اليوم بلهجة لبنانية ليكون أوضح (شرفي مش بين أجريي) هو تزييف للحقيقة وخداع للوعي، والتفاف على العفة والفضيلة.
شرف المرأة عفتها، وحفاظها على طهارتها، ورفضها للفاحشة بكل أنواعها، هو طبعًا في قلبها وعقلها، لكنها تترجمه بحفاظها على عفتها وطهارتها في كل جسدها.
ولا يستقيم الفجور مع الإيمان أبدا، فالمؤمنات صالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، ولا إيمان لمن لا حياء له.
إن هذا الشعار السخيف (الشرف في الرأس) يشبه شعار (الأمانة في القلب) أو (الإيمان في القلب)، فالسارق يسرق بيده، لكنه يقول عن نفسه أنه أمين، والعاصي يرتكب الكبائر لكنه يقول عن نفسه أنه مؤمن، والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا قائلاً: الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. وكذلك الشرف، وكذلك الأمانة، وكذلك الإخلاص، وكذلك كل شعار من شعارات الحق والفضيلة.
إن المرأة في حفاظها على عفتها إنما تحفظ شرفها هي وعرضها هي، قبل أن تحفظ عرض أهلها.
إن الله تعالى قد شرع حد القذف (ثمانين جلدة) على كل من يقذف امرأة في عرضها، حتى لو كانت يتيمة الأب والأم ولا أهل لها ولا عشيرة، ولكن النسويات لا يفقهن هذا.
تحريض على الأبوة
أما التحريض على الأبوة والآباء، واستخدام مصطلح النظام الأبوي أو ربط الجرائم الذكورية بالأبوة، فهو عين الجحود والعقوق.
إن الأبوة تضحية وعطاء ورجولة ونخوة وغيرة وشرف، إن الأبوة لا تصبح رمزًا للتسلط والقهر والذكورية إلا عند المتفلتات من كل إنسانية ووفاء وقيم وفضيلة وأخلاق.
ربنا عز وجل أمرنا أن نشكر لله وللوالدين، وجعل بر الوالدين مقترنًا بتوحيده وطاعته وعبادته، وجعل العقوق قرينًا للشرك، وهو من أكبر الكبائر، إننا ندين ونرفض ربط الأبوة بالجرائم الذكورية.
إن النسوية اليوم تستغل القضايا المحقة، وتستغل الثورة على الفساد؛ لتتسلل بكل مكر بأفكارها الهدامة إلى مواقع القرار؛ لتعمل على إقرار كل مشاريع الهدم للأخلاق وللأسرة في بلادنا.
إن الدفاع عن المرأة شيء والنسوية شيء آخر، النسوية دعوة تغريبية للثورة على ديننا واخلاقنا وقيمنا، بل على كل الشرائع السماوية، وكل أنظمة الأسرة النابعة عنها دون استثناء.
___________
** المصدر: موقع الوفاق نيوز، 1/8/2022.