ناقشت د.سناء الحداد، عضو لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمحامية المتخصصة في علم الفرائض، في هذا الفيديو موضوع “الجندرة وظلم المرأة في الميراث”، حيث تطرقت في القسم الأوّل منه إلى أن ترويج شبهة ظلم الإسلام للمرأة في الميراث، ومحاولة فرض الجندرة أو مساواة الجندر في البلدان الإسلاميّة يتنزّل في إطار “استكبار غربيّ” يحاول فرض ثقافته وقيمه وحضارته على شعوب العالم، دون مراعاة لخصوصيّتهم الدينيّة والثقافيّة، ويتم ذلك عبر اتفاقيات دولية لم تكن الدول الإسلامية يومًا طرفًا في صياغتها.
وأوضحت أن ترويج شبهة ظلم الإسلام للمرأة في الميراث، الهدف منه تغيير قوانين الميراث المستمدة من التشريع الإسلامي وإحلال نظام ميراث منسجم مع حضارة الغرب.
وفي إطار ردّها على الذين يتّهمون نظام الإرث في الإسلام بظلمه للمرأة ويطالبون بإزالة هذا الظلم عن طريق تحقيق الجندرة والتي من معانيها مساواة التماثل بين المرأة والرجل، أفادت د.سناء أنّ مساواة الجندر هي التي تمثّل ظلمًا للمرأة في الميراث: فمساواة الجندر تعني المساواة المطلقة بين الذّكر والأنثى، والحال أنّهما مختلفان، ومن هذا المنطلق فإنّ “مساواة الجندر” تعني أوّلا: أن تحرم الأنثى من حقها في المهر، وأن تحرمها من حقها في النفقة المحمولة شرعًا على الذّكر، وأن تُلزَم بالإنفاق على الأسرة على قدم المساواة مع الذّكر، وهذا ظلم بيَّن للمرأة. وتعني ثانيًا: أن تتساوى الأنثى والذّكر في طريقة التوريث، وفي ذلك حرمان للأنثى من امتيازات في الميراث لا يتمتع بها الذّكر. وهذا ظلم ثان للمرأة تكرسه “الجندرة”.
ولتبيان أن “الجندرة” هي التي تمثل ظلمًا للمرأة في الميراث، انطلقت الدكتورة سناء من أحكام الإرث في الإسلام، موضحة أن هذه الأحكام يتحقق فيها العدل الرباني، وأن اختلاف طريقة توريث الذكر والأنثى، ولئن كان ينفي مساواة التماثل بينهما، فإنه لا يعني أفضلية إرث الذكر على إرث الأنثى ولا العكس. فالعدل الرباني في أحكام الإرث في الإسلام يتجلى في تميّز كل من الذكر والأنثى بآليّات تضمن لكل منهما التفاضل في بعض الحالات، والمساواة في حالات أخرى؛ ذلك أنّ تميّز الذكر بضابط (للذكر مثل حظّ الأنثيين) الذي فضل ميراث الذكر في حالات مضبوطة على ميراث الأنثى المساوية له في الدرجة، يقابله تميّز الأنثى بأحكام وبضمانات اختصّت بها في الميراث، وفضّلت ميراثها في حالات أخرى على ميراث الذّكر أو جعلت نصيبها من الميراث مماثلاً لنصيب الذكر.
وانتهت إلى أن مفهوم “الجندرة” يخل بالتوازن بين الرجل والمرأة ويظلمهما معًا، وهو يتعارض تمامًا مع ما تحققه أحكام الإرث في الشريعة الإسلامية من توازن رباني معجز في الإرث بين الذكر والأنثى.
جاءت هذه الكلمة خلال مؤتمر “أجندة 2030 للتنمية المستدامة وتداعياتها على الأسرة”، الذي عقدته لجنة الأسرة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يوم الثلاثاء 7 يناير 2025م، بمقر جمعية علماء تركيا “أوماد” بإسطنبول.