أعلن الممثل الأمريكي نيك كانون أنه ينتظر ابنه التاسع من المرأة الخامسة هذا العام. والأمهات الخمس -ومنهن هذه الأم الجديدة- هنّ فقط صديقات الممثل، إلا أنه قد تزوج بإحداهنّ لبعض الوقت.
وهذا الممثل الشهير لا يسكن مع أيٍّ منهن، ولا يحضر في حياة أيٍّ من أبنائهن كأب، ولا يتحمل مسئولية الزوج في بيت أيٍّ منهن. وينظر الإعلام الغربي -وكذلك الـ(المتحررين)- إلى هذا الأمر باعتباره أمرًا طبيعيًا لا مشكلة فيه، بل ويستحق المباركات وكلمات التشجيع والتصفيق، ولا يتم التعامل مع هذا الأمر بأي استغراب ولا إنكار!
الممثل المشهور صاحب الثروة الضخمة و(عائلته) كما يسميها الإعلام، هو الانعكاس الطبيعي لكل ما دعت إليه الحداثة والأيديولوجيا النسوية على مر عقود طويلة، من ذم لكل ما هو تقليدي والاحتفال بكل ما هو جديد ومختلف، ومن ذلك تفكيك الأسرة التقليدية (أب وأم يربطهما رباط شرعي وأبناء)، وتجريم الاعتراف بالفروق بين الجنسين، والمطالبة بالمساواة المطلقة بين النساء والرجال، حتى بات دور الزوج والأب المسئول أمرًا قبيحًا مكروهًا، ويستحق الاتهام وألقاب من عينة (الذكورية السامة) و(التسلّط)!
وهذا الممثل الذي يقول صراحة أنه يريد المزيد من الأطفال، وأن واحدًا من التسعة لم يكن بالخطأ، هو الرجل المثالي في عين هؤلاء الحداثيين، فهو ليس زوجًا ممارسًا لسلطته الأبوية على زوجته، ولا هو يسير على أي عرف أو تقليد في قراراته!
والغريب أن هذه السيولة وصلت بالمجتمع إلى أن يعيش الرجل الثري دورًا شبيهًا بدور السيّد الأرستقراطي في قصور العصور الوسطى، فهو يقضي كل ليلة مع امرأة وحيدة بمجرد أن يستطيع شراء العشاء لها، ثم يتركها مع طفل دون الاستحياء من الاعتراف بأنه ابنه، ولا يحاسبه أحد على ذلك. والأغرب أن هذا كله يتم في إطار أن هذه العشيقة التي تركها أمًا وذهب، هي مثال للمرأة القوية التي تنشر صورها على انستغرام، وتقنع العالم بأنها مستقلّة وسعيدة!
والنتيجة اليوم هي كثير من الأطفال الذين يعيشون دون أب. وكثير من النساء اللواتي عليهن أن يكن الأم والأب. بالإضافة لمزيد من الرجال غير المسئولين الذين يسيرون ويعيشون بهواهم، ولسان حالهم يقول: “إن كان حملي لمسئولياتي يساوي الذكورية السامة، فلمَ أحملها أصلاً!”، “وإن كانت الأسرة التي تفرض عليّ الالتزام مقابل تحصيل حاجاتي مؤسسة شريرة برأيكم، فلمَ لا أحصل على ما أريده بالمجّان!”. وإن كان هذا الكلام –بالطبع- لا يرفع المسئولية عن أي رجل يفكر بتلك الطريقة السلبية، فإن الأسباب الأساسية لذلك – والتي يتم ترويجها وغرسها في مجتمعاتنا اليوم، والتي تحتاج الوعي بتنزّلاتها الصغيرة البطيئة على أرض الواقع- هي: تشويه منظومة الزواج وتعسيره وتأخيره، والمطالبة بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، وتشويه معاني الرجولة ودور الرجل في أسرته ومجتمعه، وكذلك هدم معاني الأنوثة والأمومة، ودفع الجميع إلى سوق العمل الذي لا يرحم… إلخ.