باستخدام هذا الموقع ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية و شروط الاستخدام .
Accept
مؤسسة مودة للحفاظ على الأسرةمؤسسة مودة للحفاظ على الأسرةمؤسسة مودة للحفاظ على الأسرة
Font ResizerAa
  • الصفحة الرئيسية
  • مواثيق الأسرة
  • دراسات أكاديمية
  • رؤي نقدية
  • مقالات
  • ميديا
  • قراءات
  • أخبار
  • مسارات هدم الأسرة
    • التعيلم
    • الإعلام
    • القوانين
    • المنظمات
  • ملفات متخصصة
Reading: لماذا تختلف أدوار الرجل والمرأة الأسرية؟.. رؤية إسلامية
Share
مؤسسة مودة للحفاظ على الأسرةمؤسسة مودة للحفاظ على الأسرة
Font ResizerAa
ابحث هنا
Have an existing account? Sign In
Follow US
  • اتصل
  • مقالات
  • شكوى
  • يعلن
© مؤسسة مودة للحفاظ على الأسرة. جميع الحقوق محفوظة.
مؤسسة مودة للحفاظ على الأسرة > مقالات > لماذا تختلف أدوار الرجل والمرأة الأسرية؟.. رؤية إسلامية
مقالات

لماذا تختلف أدوار الرجل والمرأة الأسرية؟.. رؤية إسلامية

حسن أحمد الهادي
Last updated: 7 أكتوبر، 2025 5:12 مساءً
حسن أحمد الهادي شهرين ago
Share
SHARE

المرأة والرجل في الرؤية الإسلاميّة صنفان من نوعٍ واحدٍ، وعلى الرغم من الوحدة النوعيّة بينهما يتمتّع كلّ منهما بخصائصَ مميّزةٍ له عن الصنف الآخر. وربّما كانت هذه الخصائص المميّزة منشأً للاختلاف في الحقوق والأوضاع القانونيّة، دون أن يؤدّي هذا الاختلاف إلى التفاوت في الإنسانيّة أو القيمة.

جوانب المساواة

تكشف النصوص الإسلاميّة عامّةً -والقرآن الكريم خاصّةً- عن رؤيةٍ واضحةٍ إلى كلّ من الرجل والمرأة، مفادها اشتراكهما في الإنسانيّة وخصائصها ولوازمها، حيث إنّ الإنسان إنسانٌ بروحه لا بجسده، وفي عالم الروح لا أنوثة ولا ذكورة. وتتجلّى هذه الرؤية الموحّدة بين الرجل والمرأة في مواردَ عدَّةٍ في النصوص الدِّينيّة، منها أنّ الرجل والمرأة متساويان من ناحية الخلق لجهة العلاقة بالمبدأ والهدف الّذي أُريد لكلّ منهما، ومن ناحية الماهية والحقيقة، ومن ناحية الاستعدادات والقابليات الذاتية للتكامل.

فمن ناحية المبدأ، يرتبط كلاهما بمبدأٍ واحدٍ وبالدرجة نفسها، وهذا ينطبق على الإنسان الأول آدم وحواء، كما ينطبق على ذريّتهما. فالقرآن يُصرّح بخلق المرأة والرجل من نفس واحدة[1]… وفي الموقف الإسلاميّ من ذرية آدم نلاحظ أنّه يجمع بين الرجل والمرأة في أحكامه عليهما وإخباره عن طريقة خلقهما، فيُخبرنا أنّه خلقهما من ماءٍ، ومن طينٍ لازبٍ، ومن نطفةٍ أمشاجٍ، وصلصالٍ من حمأٍ مسنونٍ، وصلصالٍ كالفخّار، ومن علقةٍ إلى غير ذلك دون أن يميّز بينهما في هذه الأحكام.

وأمَّا الهدف الّذي خُلقت المرأة من أجله، فهو عين الهدف الّذي خُلق الرجل من أجله. ووحدة الهدف هذه تنطبق على الهدف من الإنسان كإنسانٍ، كما تنطبق على الهدف القريب المرتبط بكلا صنفي الإنسان أي الرجل والمرأة. وتؤكّد بعض آيات القرآن الكريم هذه الحقيقة عندما يُقرّر أنَّ الله خلق الإنسان من أجل التكامل من خلال العبادة: (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) [2]. كما تؤكّد بعض الآيات حقيقة التساوي بين الرجل والمرأة في سلوك طريق التكامل والعبوديّة، والابتلاء بالعذاب نتيجة الشطط عن هذا الصراط السويّ. وتؤكّد آياتٌ أخرى وحدة المصير والمآل بين المؤمنة والمؤمن، والكافر والكافرة، والصالح والصالحة والمشركة والمشرك[3]. ومن جهةٍ أخرى، أشار إلى وحدة الهدف القريب المراد من خلق الرجل بالنسبة للمرأة والعكس، حيث تُشير الآية إلى السكن المتبادل بين الرجل والمرأة[4]. فكما أنّ الرجل يسكن إلى المرأة، فهي كذلك تسكن إليه، فالآية إذاً تؤكّد أنَّ الحاجة متبادلةٌ وليس أحد الطرفين طفيليًّا بالقياس إلى الآخر.

في الاستعداد والقدرات، ومن لوازم وحدة الهدف من خلق الرجل والمرأة وجوب توفّرهما على استعداداتٍ متساويةٍ تسمح لهما بالترقّي في مدارج الكمال، دون أن يكون للرجولة أو الأنوثة ميّزةٌ على هذا الصعيد، فكلاهما يتوفّر على نفخة من روح الله[5]، وكلاهما مخلوقٌ في أحسن تقويمٍ[6]، وكلاهما مزوّدٌ بالسمع والبصر وغيرهما من وسائط الإدراك واكتساب العلم[7]، وكلاهما مفطورٌ على الدِّين الحنيف[8]، وكلاهما عُرِضت عليه الأمانة الإلهيَّة وتحمّلها[9]، وهما في الضمير الأخلاقيّ سواء[10]. كما أنّ الله سخّر للإنسان – رجلاً وامرأةً – ما خلقه من شمسٍ وقمرٍ وليلٍ ونهارٍ.[11] ويتمتّع كلاهما بالتعليم الإلهي[12] وقد حظيا بنعمة البيان دون أن يشير الله سبحانه إلى تفاوتٍ بينهما في أصل هذه الموهبة[13]. وأخيراً عندما بعث الله أنبياءه ورسله إلى البشر لم يميّز بين الرجل والمرأة في توجيه الرسالة والخطاب الإلهيّ إليهما[14].

في معيقات التكامل، كما يشترك الرجل والمرأة في سبيل التكامل، كذلك يشتركان في معيقات التكامل؛ فهذا هو القرآن الكريم يُشير إلى النفس الأمّارة بالسوء[15] بوصفها مُفسدةً لسبيل التكامل، كما يصف الشيطان بأنّه عدوّ للإنسان[16]، دون أن يشير إلى الاختلاف بين الرجل والمرأة في هذين المُعيقين.

التساوي في القيمة

ويترتّب على ما تقدّم كلّه أن تكون قيمة الرجل المتحلّي بالقيم الأخلاقيّة مساويةً لقيمة المرأة المتحلّية بالفضائل عينها، والعكس صحيحٌ أيضًا، ونحن هنا نتحدّث عن القيمة المكتسبة من خلال اكتساب الفضائل واجتناب الرذائل. فالمرأة لا تقصر عن الرجل في السبق إلى الإيمان والعمل الصالح والتقوى والهجرة والعلم. كما أنّها لا تهوي أكثر من الرجل ولا تنحطّ قيمتها عنه إذا تورّطت مثله في الكفر والشرك والنفاق. ويكفي عموم بعض الآيات وإطلاق بعضها الآخر لإثبات هذا المدّعى.

ولكنّ الله سبحانه ربّما أراد رفع أيّ لبسٍ أو إبهامٍ فصرّح من خلال ذكر صيغة التذكير والتأنيث أثناء بيانه لهذه الحقيقة البيّنة[17]، كما ذكر إلى جانب بعض نماذج الخير والشرّ بين الرجال، بعض نماذج الخير والشرّ بين النساء أيضًا، مثل: آدم وحوّاء، إبراهيم وسارة، أمّ النبيّ يحيى زوج زكريا، مريم زوج عمران، مريم أمّ النبيّ عيسى، موسى وأمه وأخته، آسية زوج فرعون، ابنتي شعيب، بلقيس ملكة سبأ، وذكر من السيّئات: امرأة نوح، وامرأة لوط، وزوج أبي لهب. بل جعل آسية زوج فرعون مثالاً يُحتذى للذين آمنوا[18] كما أنّه ضرب مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط[19]. وهذه الأمثلة كما تكشف عن قابليّة المرأة والرجل للتكامل والانحطاط، تكشف أيضًا عن استقلال المرأة وتمتّعها بشخصيّةٍ صالحةٍ لتكون نموذجاً للتقوى والكفر في آنٍ واحدٍ.

تمايز الرجل والمرأة

إنّ اختلاف الرجل والمرأة في بعض الخصوصيّات الجسديّة والعاطفية حقيقةٌ واضحةٌ لا يمكن إنكارها أو تجاهلها. واستغلال الرجل لهذه الاختلافات لا يبرّر إنكارها. بل إنّ معرفة هذه الفوارق والتعامل معها بحكمة هو الضامن الأهمّ لتنظيم العلاقة بين الطرفين على أسسٍ واضحةٍ محكومةٍ بضوابط العدالة. وصفوة القول أنّ تمايز الرجل عن المرأة هو تنويعٌ حكيمٌ هادفٌ لا تمييزٌ ظالمٌ يحابي أحدَ الجنسين على حساب الآخر، ولا يترتّب على هذا التمايز أيّ أثرٍ قيميٍّ أو أخلاقيّ.

فإن «هذه الفوارق لا علاقة لها بكون الرجل أو المرأة جنسًا أفضلَ والثاني جنسًا أدنى وأحقرَ وأنقصَ، فإنَّ لقانون الخلقة قصدًا آخرَ في ذلك، فالله سبحانه أوجد هذه الفوارق من أجل توثيق العلاقات العائليّة بين الرجل والمرأة، وتقوية أساس الوحدة بينهما. أوجد هذه الفوارق من أجل أن يوزّع المسؤوليّات بينهما ويُحدّد الحقوق والواجبات لكلٍّ منهما على صعيد الأسرة وغيرها. وإنّ الهدف من الاختلاف بين الرجل والمرأة يُشبه إلى حدٍّ بعيدٍ الهدف من اختلاف أعضاء الجسد الواحد، فحين عيّن موقع كلٍّ من العين والأذن واليد والعمود الفقري… لم يُكن يُفضِّل عضوًا على عضوٍ أو يُحبّ عضوًا أكثرَ من الآخر»[20].

وجوه الاختلاف

وعلى ضوء ما أسلفنا نعرض أبرز وجوه الاختلاف بين المرأة والرجل ضمن البنود الآتية:

1. التمايز الجسديّ:

يختلف دور الرجل عن المرأة في مسألة التناسل، حيث تحضن الأمّ جنينها مدّة تسعة أشهرٍ. ويحتاج هذا الأمر إلى اختلاف أجهزة الأمّ عن أجهزة الأب ودورها عن دوره. وبعد الحمل والولادة يحتاج الطفل الوليد إلى الغذاء فجهّز الله بحكمته الأمّ بوسائل تغذيته. وبعد هذين العنصرين المميّزين للمرأة عن الرجل يبدو الاختلاف في بنية الجسد واحدًا من وجوه التمايز بين الجنسين «فجسد الرجل وأعضاؤه أضخم من جسد المرأة وأعضائها، والرجل غالباً أطولُ من المرأة، ويمتاز بخشونة صوته وهي بنعومته وتنمو المرأة أسرع من الرجل. وتصل المرأة إلى البلوغ قبل الرجل وتتوقّف عن الإنجاب قبله، وهي أكثر منه مقاومة للأمراض، وتتميّز الأنثى عن الذكر في سبقها له في القدرة على التكلّم في مرحلة الطفولة، ودماغ الرجل أكبر من دماغ المرأة نسبيًّا، وإذا قيس دماغ المرأة إلى سائر أعضاء جسدها فهو أكبر من دماغ الرجل، ورئتا الرجل أكبر من رئتي المرأة، وتتفوّق المرأة على الرجل في سرعة دقّات قلبها»[21].

2. الخصائص الروحيّة والعاطفيّة:

تختلف عواطف الرجل والمرأة كمًّا وكيفًا، والمقصود من التمايز الكمّي اشتراك الرجل والمرأة في مجموعةٍ من العواطف الإنسانيّة، وتمايزهما في مقدار هذه العواطف عندما نُقارن بينهما، وذلك كالاختلاف في درجة التعقّل والحزم والتروّي وأمثالها، وكالاختلاف في الحنان وعاطفة الحبّ وما شابه. فالرجل غالبًا – لا دائمًا – متروٍّ أكثر من المرأة، وهي تملك عواطفَ جيّاشةً أكثر ممّا يتوفّر هو عليه. ونذكّر بما أشرنا إليه قبل قليل، وهو أنّ هذا الاختلاف تابع للحكمة الإلهيَّة، فلولا هذا التمايز العاطفيّ بين الرجل والمرأة لما قامت للأسرة قائمةٌ. وكيف تستقرّ الأسرة دون عاطفة الأمّ الجيّاشة الّتي تفدي ابنها بروحها؟! أو تستقرّ الأسرة دون تروّي الرجل وتردّده قبل الإقدام على اتّخاذ قرار يتعلّق بأسرته؟

والمقصود من التمايز الكيفيّ هو الخصائص المرتبطة بالمرأة بما هي امرأةٌ وبالرجل بما هو رجلٌ، فقد زوّد الله كلًّا منهما بعواطف تختلف في نوعها وكيفيّتها عن العواطف الّتي زوّد بها الآخر. ومن أبرز أمثلة ذلك اختلاف كلٍّ من الرجل والمرأة في نظرته إلى الآخر، فالرجل بطبيعته في علاقته مع المرأة منجذبٌ إليها وهي جاذبةٌ، وهي تطلب الحماية وترغب في اللجوء إلى رجلٍ وهو بطبعه يميل إلى الحماية والاحتضان. وقد زوّدهما الله بالخصائص الجسديّة الّتي تتناسب مع هذه الخصائص العاطفيّة.

منابع الاختلافات الحقوقيّة

يُعلم ممّا تقدّم أنّ اشتراك المرأة والرجل في الهويّة والمقام والمنزلة بل والأصول القانونيّة الكليّة، لا يمنع من اختلاف التفاصيل المرتبطة بكلٍّ منهما. ويحتاج تبرير هذه الفوارق إلى بيان نقاطٍ نُدرجها في ما يأتي:

يقضي اشتراك الرجل والمرأة في الهويّة والطبيعة اشتراكهما في الحقوق والتكاليف. ومن هنا، فإنَّ اختلاف بعض الحقوق أو التكاليف لا بدّ من أن يكون استثناءً، وعلى خلاف القاعدة الأصليّة.

هذه الحقوق والتكاليف المختلفة ليس لها بعدٌ قيميٌّ، ولا تؤدّي بأيّ وجهٍ إلى رفعة المرأة أو الرجل أو دناءة مقامهما، ولا تؤدّي بالتالي إلى تقسيم النوع الإنسانيّ إلى مرتبتين.

إنّ أكثر هذه الاختلافات الحقوقيّة والقانونيّة ينشأ نتيجة طروء عناوين خاصّةٍ على الرجل أو المرأة جرّاء موقعهما الّذي يأخذانه داخل الأسرة، ومن هذه العناوين: أب، أمّ، زوج وزوجة، أخ وأخت، عمّ وعمّة، وهكذا… وليست هذه الاختلافات مترتّبةً على عنوان الرجولة أو الأنوثة. وما يؤكّد هذا المدّعى هو أنَّ اختلاف الرجل والمرأة في الحقوق ميدانه ساحة الأسرة. هذا ولا ينفي وجود بعض الاختلافات الجزئيّة المترتّبة على عنوان الرجولة والأنوثة.

تنشأ أكثر الأسئلة والاعتراضات على حقوق المرأة في الإسلام من النظرة الجزئيّة، وإلّا فإنَّ النظر إلى نظام حقوق المرأة إلى جانب الأنظمة الأخرى ذات البعد الاجتماعيّ والسياسيّ والأخلاقيّ…. سوف يساعد على تقديم الجواب عن الأسئلة المثارة. وفي البحث عن نظام حقوق المرأة في الإسلام لا بدّ من الالتفات إلى نقاطٍ رئيسةٍ ثلاثٍ، هي:

1. إنّ الهدف من القوانين المرتبطة بالمرأة، كما سائر القوانين، هو الأخذ بيد الإنسان للوصول إلى السعادة والقرب من الله تعالى. وهذا ما يبرّر اهتمام الإسلام بعفّة المرأة وطهارتها. ومن هذا الاهتمام ينشأ الاختلاف في بعض الحقوق والتكاليف.

2. يهتمّ الإسلام بشكلٍ واسعٍ بالأسرة، حيث إنّها المهد الّذي يحتضن حياة الإنسان في مرحلة طفولته، وفيها يكتسب أهمّ العناصر المكوّنة لهويّته وشخصيّته. وقد نظّم الإسلام رؤيته الحقوقيّة والقانونيّة على ضوء هذا الاهتمام؛ ما أدّى في بعض الأحيان إلى شيءٍ من الاختلاف بين الرجل والمرأة في بعض التفاصيل القانونيّة.

3. إنّ الاختلاف المشار إليه بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات يستند إلى منهجٍ واقعيٍّ حكيمٍ، ولا يستند إلى التحكّم والظلم أو التمييز. وبعبارةٍ أوضح: إنَّ الاختلاف بين الرجل والمرأة يُعطي كلًّا منهما دوراً خاصّاً به في المجتمع وموقعاً كذلك. ومن الطبيعيّ أن تترتّب على الأدوار المختلفة حقوقٌ وواجباتٌ مختلفةٌ. فكما أنّ اختلاف القوانين يكون ظلماً مع وحدة الواقع، كذلك وحدة القوانين مع اختلاف المواقع. والإسلام يُعارض الظلم بكلا نوعيه. ومن هنا فإنّه في العناصر المشتركة قد شرّع للرجل والمرأة أحكاماً متطابقةً، وميّز بينهما في جهات الاختلاف.

فلسفة اختلاف الموقع والدور

وتبقى بعض الأسئلة الجديرة بالبحث مثل: ما هي الاختلافات الطبيعيّة التي يجب أن يترتّب عليها اختلاف الموقع والدور الاجتماعيّ وبالتّالي اختلاف الحقوق والقوانين؟ أو كيف يترتّب التمييز القانونيّ والحقوقيّ على الاختلاف الطبيعيّ؟ ويمكن الإجابة عنها باختصارٍ كالآتي:

1. هذان السؤلان – وغيرهما – يكشفان، بعد الاعتراف بأصل الاختلاف، عن الحاجة الإنسانيّة العميقة إلى مصدرٍ تشريعيٍّ غير إنسانيٍّ، وهو الله سبحانه عن طريق الوحي والأنبياء، فإنَّ الإنسان قد يعلم بوجود اختلاف في الدور بين الرجل والمرأة، ولكنّه لا يدرك ما يناسبه، لو تُرك له اختيار القوانين المناسبة لموقع كلٍّ من الرجل والمرأة. ومن هنا، فإنّنا سوف نتواضع إلى أقصى حدود التواضع ونُقرّ بأنّ اختلاف موقع الرجل والمرأة لا بدّ من أن يؤدّي إلى اختلافٍ حقوقيٍّ وقانونيٍّ بينهما دون أن ندّعي القدرة على معرفة سائر التفاصيل أو القدرة على اكتشاف الجزئيّات أو تبريرها جميعاً. ونشير إلى أنّه يُشترط في تأثير الاختلافات الطبيعيّة على مستوى القانون، أن تكون هذه الاختلافات دائمةً وعامّةً وثابتةً.

2. على ضوء ما تقدّم يتّضح سرّ اجتماع أكثر نقاط التمايز القانونيّ والحقوقيّ بين الرجل والمرأة في البيئة الأسريّة، وذلك أنّ الرجل كما المرأة يأخذ كلٌّ منهما موقعاً خاصّاً في الأسرة يُميّزه عن موقع الآخر، ولا يمكن أن يحلّ محلّه بأيّ وجهٍ من الوجوه. وربّما يُفسّر هذا الأمر النهي الإلهيّ عن تمنّي الرجل ما فضّل الله به المرأة والعكس[22].

3. الملازمة والترابط بين الحقوق والواجبات، وبين الحرمان والإعفاء من جهةٍ أخرى، أي: أنّ من يُعطى حقًّا – رجلًا كان أو امرأةً – لا بدّ من أن يُطالب بتكليف بإزائه، كما أنّ التكليف يولّد حقًّا كذلك، ولا ينبغي توهّم الانفصال بينهما؛ بحيث يكون لشخصٍ مّا حقوقٌ لا تُقابَل بواجبات، فالتمكين حقٌّ للرجل وواجبٌ على المرأة، وفي مقابل هذا الأمر نُلاحظ أنَّ النفقة حقّ للمرأة وواجبٌ على الزوج.

وإنّ الحرمان من الحقّ يقابله الإعفاء من الواجبات التي كان لا بدّ من ثبوتها على تقدير ثبوت الحقّ. والالتفات إلى هذه النقطة الجوهريّة سوف يُزيل توهّم الظلم والتمييز بين الرجل والمرأة، تعالى الله عن ذلك. وهذا التوازن بين الحقوق والواجبات هو أحد مظاهر الحكمة والعدالة الإلهيَّة. وقد عبّر القرآن الكريم عن هذه الحقيقة بأخصر العبارات وأبلغها؛ حيث قال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [23].

______________

** المصدر: المقال جزء من بحث أ.حسن أحمد الهادي، متاخمة نقديّة للهوية الجندريّة، مجلة الاستغراب، العدد  16، السنة الرابعة، 30/7/ 2019.

[1] (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها)  النساء: 1، (هُوَ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها) الأعراف: 189.

[2] الذاريات: 56.

[3] النساء: 124، التوبة: 72، الأحزاب: 35، الفتح: 5و6، الحديد: 1و12، يس: 56، المؤمنون: 8، البقرة: 221.

[4] (هُوَ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) الأعراف: 189، (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في‏ ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم: 21.

[5] (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوحي‏ فَقَعُوا لَهُ ساجِدينَ) الحجر: 29، وسورة ص: 72.

[6] (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ في‏ أَحْسَنِ تَقْويمٍ) التين: 4.

[7] (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون) النحل: 78.

[8] (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتي‏ فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) الروم: 30.

[9] (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)، الأحزاب: 72.

[10] (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (7) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) الشمس: 7و8.

[11] الجاثية: 13؛ إبراهيم: 33.

[12] البقرة: 239؛ الأنعام: 91؛ العلق: 4 و5.

[13] الرحمن: 1-3.

[14] يُستفاد هذا المعنى من توجيه الخطاب إلى الإنسان دون تقييده بالرجل والمرأة.

[15] (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي) يوسف: 53؛ فاطر: 6؛ الزخرف: 62.

[16] (إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبينٌ) يوسف: 5.

[17] كقوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرينَ اللَّهَ كَثيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظيماً) الأحزاب: 35.

[18] (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لي‏ عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّني‏ مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّني‏ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتي‏ أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتينَ) التحريم: 11و12.

[19] (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلينَ) التحريم: 10.

[20] مطهري، مرتضى، نظام حقوق المرأة في الإسلام، ص 145 – 146، مؤسسة الإعلام الإسلاميّ، بيروت، 1985.

[21] مطهري، مرتضى، نظام حقوق المرأة في الإسلام، ص173.

[22] (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى‏ بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَليماً) النساء: 32.

[23] البقرة: 228.

اقرأ أيضًا

You Might Also Like

النسوية.. وفرض تصور أوحد لنجاح المرأة

كيف يجري دمج الأفكار النسوية ضمن مناهج التعليم؟

النسوية وإهلاك النسل

الحركة النسوية.. الماهية والأهداف

“النسوية المتأسلمة”.. جذورها التاريخية وحقيقة مقاصدها

Share This Article
Facebook Twitter Email Print
Previous Article إضاءات على الفكر النسوي
Next Article أثر المؤتمرات والاتفاقيات الدولية على تفكيك الأسرة
Leave a comment

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعنا

اعثر علينا على الوسائط الاجتماعية
FacebookLike
TwitterFollow
YoutubeSubscribe
TelegramFollow
- الإعلانات -
Ad imageAd image

مُختارات

“سيداو”.. في ميزان الشرع والعقل والفطرة السليمة

“المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة”.. دراسة تكشف استهداف الأمم المتحدة للأسرة

الطفل في الاتفاقيات الدولية.. رؤية نقدية في ضوء الشريعة الإسلامية

الرؤية الإسلامية لمواجهة مرض الإيدز

مفهوم الجندر وآثاره على المجتمعات الإسلامية

نهدف إلى حماية الأسرة من المخاطر التي تهدد كيانها وهويتها, عبر نشر الوعي المجتمعي بهذه المخاطر

  • الرئيسية
  • مواثيق الأسرة
  • دراسات أكاديمية
  • رؤي نقدية
  • مقالات
  • ميديا
  • قراءات
  • أخبار
  • مسارات هدم الأسرة
    • التعيلم
    • الإعلام
    • القوانين
    • المنظمات
  • ملفات متخصصة

تجدنا على مواقع التواصل الاجتماعي

مؤسسة مودة للحفاظ على الأسرةمؤسسة مودة للحفاظ على الأسرة
Follow US
© مؤسسة مودة للحفاظ على الأسرة. جميع الحقوق محفوظة.
انضم إلينا!
اشترك في النشرة الإخبارية لدينا ولا تفوت آخر الأخبار وما إلى ذلك.

صفر بريد مزعج ، إلغاء الاشتراك في أي وقت.
Welcome Back!

Sign in to your account

Username or Email Address
Password

Lost your password?